version française ilboursa

أمين بوزيان: من الضروري إعادة احياء الضريبة التصاعدية على الدخل وتعميم الضريبة على الثروة

قال أمين بوزيان الباحث في السياسات الجبائية في تونس إن أهم مدخل لإصلاح منظومة الجباية، هو إعادة العمل بالضريبة التصاعدية على الدخل التي معمول بها في الثمانينات كألية هامة لتحقيق العدالة الجبائية.

 

واقترح في حوار مع "البورصة عربي" تعميم اجراء الضريبة على الثروة العقارية على كل الممتلكات مع اعتماد طريقة متدرجة حسب شرائح معينة موصيا بمزيد اصلاح إدارة الجباية بتعزيز هذا الجهاز بالموارد الجبائية اللازمة للتصدي للغش الضريبي الذي يتسبب في خسائر مالية قدرها بنحو 25 مليار دينار سنويا.

وتطرق الباحث الى مسالة مراجعة الامتيازات الجبائية الممنوحة للشركات التي نكلف المجموعة الوطنية مبلغ 7.7 مليار دينار من دون تحقيق الفاعلية الاقتصادية على مستوى جلب استثمارات جديدة او خلق مواطن شغل جديدة.

ودعا امين بوزيان الى ان تقوم إدارة الجباية في تونس بعمل جوهري من خلال تقوية الموارد اللوجستية والبشرية لهذه الإدارة على الرغم من المجهودات الهامة المبذولة في الرقابة الجبائية اذ انه بعنوان سنة 2022 تحسنت المردودية بتحصيل عائدات جبائية بقيمة 5 مليار دينار.

واقر بالمقابل ان هذا المبلغ لا يمكن باي حال ان يغطي على النقص الفادح للمواد البشرية لإدارة المراقبة الجبائية بتوفر 1650 عون مكلف بالمراقبة الجبائية معتبرا العدد ضعيف جدا ولا يخول حسب المعايير العالمية من رفع مستوى تحصيل الضرائب واستخلاصها مقاومة للهرب والغش الجبائي.

وكشف في هذا السياق ان التهرب والغش الضريبيين يتكلف على تونس حوالي 25 مليار دينار سنويا وهو ما يمثل 100 بالمائة من الاقتراض الداخلي والخارجي بعنوان سنة 2023. واكد امين بوزيان انه من الضروري مراجعة الانتدابات بالتركيز على انتداب مئات او الاف من المراقبين الجبائيين مشيرا الى ان تونس تشتغل حاليا على اعداد تطبيقة تشتغل بالذكاء الاصطناعي لتتبع المتهربين الجبائيين.

وشدد في مستوى اخر على ضرورة الاشتغال على حل جذري لإصلاح المنظومة الجبائية التونسية   سيما وان المنظومة الجبائية التونسية تشهد ظاهرة تهرب لافتة يعني ان هناك اخلالات في المنظومة وجب معالجتها واصلاحها.

انعدام العدالة الجبائية

وأحد أهم الاخلالات الحالية التي لا تزال تعامي منها تونس وفق المتحدث هو انعدام العدالة الجبائية إذ أن السياسة الجبائية المتبعة في البلاد غير مُنصفة بطريقة ان أصحاب الدخل العالي وأصحاب الثروات وأصحاب رؤوس الأموال لا يساهمون بالقدر المطلوب غي الواجب الجبائي الامر الذي قاد امين بوزيان الى إقرار ثورة جبائية حقيقية.

واقترح في هذا الإطار إعادة احياء العمل بالضريبة على الدخل التصاعدية قبل املاءات صندوق النقد الدولي من خلال برنامج الإصلاح الهيكلي في سنة 1988 لافتا الى انه كان لتونس ضريبة التصاعدية تضمن مساهمة جبائية لأصحاب الدخل العالي.

وقال ان تونس تخلت عن هذه الضريبة على الرغم من أهميتها كخطوة هامة لتحقيق العدالة الجبائية كاشفا ان 1 بالمائة من التونسيين الذين لهم اعلى مستوى دخل محصول، فان مداخيلهم يتجاوز 10.9 بالمائة من اجمالي مداخيل تونس الجبائية الى جانب ان 10 بالمائة من أصحاب اعلى المداخيل فان محصول مداخيلهم يتجاوز 40 بالمائة من اجمالي المحاصيل الجبائية.

ويستدعي الامر وفق المتخصص في السياسة الجبائية إقرار سياسة بديلة تراجع النسب المسلطة على أصحاب الدخل العالي لتكون مرتفعة أكثر وانه من غير المقبول في تونس مزيد منح أصحاب الدخل العالي في البلاد امتيازات على مستوى الاقتطاع الجبائي في اتجاه الاقتراب قدر الإمكان من تحقيق العدالة الجبائية في البلاد.

وينطبق نفس الوضعية على الضريبة على الشركات اذ لا يمكن الحديث عن ضريبة في المطلب سيما وان النسيج الاقتصادي التونسي متكون من شركات صغرى ومتوسطة وشركات كبرى وانه غير صحيح ان الشركات الكبرى تدفع أكثر ضرائب اذ عادة ما يشاع في النقاش العام ان كبرى الشركات في تونس تدفع ضرائب ارفع على غرار البنوك وشركات التامين مشغلي الاتصالات تدفع 35 بالمائة ضرائب ولكنها تظل نظرية وفق اعتقاده.

وفسر ان الشركات المدرجة بالبورصة ان النسبة الفعلية اقل من 35 بالمائة وذلك بسبب الانتفاع بالامتيازات الجبائية الممنوحة للاندراج في البورصة، لافتا الى ان الامتيازات الجبائية وحسب تقارير وزارة المالية تُكلف خسائر على الدولة ما قيمته 7.7 مليار دينار ما يمثل 103 بالمائة في عجز ميزانية الدولة بعنوان سنة 2023 و155 بالمائة من موارد الضريبة على الشركات.

وتعرض أمين بوزيان الى غياب الفاعلية الاقتصادية المرجوة من الامتيازات الجبائية الممنوحة للشركات منتقدا اهدار أموال كبيرة بعنوان امتيازات جبائية غير فعالة وغير عادلة حتى بعنوان الأهداف المعلنة من جلب الاستثمار وخلق مواطن الشغل.

ضريبة تصاعدية على الدخل

وردا على سؤال بخصوص إمكانية إعادة احياء الضريبة التصاعدية على الدخل وما تنجم عنه من تأثير على مناخ الاعمال في البلاد نفى امين بوزيان هذه المسالة موضحا ان السياسة الجبائية لا يجب ان تكون بمعزل عن منوال تنموي اقتصادي اذ دول مثل الويات المتحدة الامريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا فهي دول انتهجت طيلة عقود سياسة على المداخيل تكون فيها الضريبة على الدخل تتضمن عدد شرائح هام، ما هو معمول به في وقت ما في الولايات المتحدة اين وصل العدد الى حوالي 25 شريحة بطريقة ان الجهد الجبائي يوزع على كل فئات المجتمع.

وفي تونس في سنوات الثمانينات قبل برنامج الإصلاح الهيكلي الذي غيَر جوهريا الضريبة على الدخل، كانت الشريحة العليا على مستوى 80 ألف دينار فما فوق وبنسبة 68 بالمائة ضمن منطق اقتصادي يقوم على منوال اقتصادي يعطي دور اجتماعي كبير للدولة.

ويحتاج مناخ الاعمال في تونس اليوم ان دافعي الضرائب لهم قدرة شرائية محترمة لان هدف المستثمر او القطاع الخاص هو تحقيق الربح ولبلوغ هذه المسالة لا يحتاج بالضرورة ذلك خلاص اقل ضرائب بل في سياسة بديلة بإمكانه يدفع أكثر ضرائب ويحقق في نفس الوقت أرباح هامة عبر ترويج خدمات هذا المستثمر او لديه طلبيات كبيرة في نشاطه.

تعميم الضريبة على الثروة

وعن رايه في فرض ضريبة على الثروة في تونس أكد امين بوزيان انه يشجع على هكذا جراء الذي انطلق السنة الفارطة في قانون المالية لسنة 2023 بفرض ضريبة على الثروة العقارية ملاحظا ن الاجراء المتخذ ولئن توجه في النهج الصحيح لكنه اجراء من وجهة نظره منقوص وضعيف.

واقتصر الاجراء على الثروة العقارية وكان من الاجدى ان يشمل الثروة في مفهومها الواسع من ارصدة بنكية واصول وأسهم في البورصة وكل أنواع الممتلكات، داعيا الى ان تكون الضريبة على الثروة تصاعديا على غرار ما هو معمول في الجزائر او فرنسا من خلال فرض ضريبة على الثروة تصاعدية بجدول ضريبي يتضمن عدة شرائح بطريقة انه حتى أصحاب الثروات هناك درجات ومستويات في حجم الثروات.

وقال ان نسبة 0.5 بالمائة المعتمدة في تونس على الثروة العقارية يمكن ان تكون مثلا الشريحة الأولى في سلم الضريبة التصاعدية على الثروات في تونس ثم التدرج الى نسب ارفع لتصل الى 2.5 مثلا.

ومن جهة أخرى أعرب الخبير عن تخوفه من ان يظل الاجراء الخاص بالضريبة على الثروة العقارية حبر على ورق ولن يقع متابعته بالشكل المناسب فضروري توفر الإرادة السياسية لتطبيق هذا الاجراء وبقية الإجراءات الهادفة الى تحقيق العدالة الجبائية في تونس.

م.ز

تم النشر في 15/09/2023